غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى
الكامل
في التاريخ (2/ 12)
وَفِي
السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي
السَّابِعَ عَشَرَ، وَقِيلَ: التَّاسِعَ عَشَرَ، وَكَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ
سَبَبَهَا قَتْلُ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَإِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ
فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الشَّامِ وَفِيهَا أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعَهَا
ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ: قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ
قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ،
فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَدَبَ
الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ، فَاخْرُجُوا
إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ
يُنَفِّلَكُمُوهَا. فَانْتَدَبَ النَّاسُ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ وَثَقُلَ
بَعْضُهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَنْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْقَى حَرْبًا. وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ
سَمِعَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُهُ،
فَحَذَّرَ وَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ، فَبَعَثَهُ إِلَى
مَكَّةَ يَسْتَنْفِرُ قُرَيْشًا وَيُخْبِرُهُمُ الْخَبَرَ، فَخَرَجَ ضَمْضَمٌ
إِلَى مَكَّةَ. وَكَانَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ رَأَتْ
قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ مَكَّةَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ رُؤْيَا أَفْزَعَتْهَا،
فَقَصَّتْهَا عَلَى أَخِيهَا الْعَبَّاسِ وَاسْتَكْتَمَتْهُ خَبَرَهَا، قَالَتْ:
رَأَيْتُ رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى وَقَفَ بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ صَرَخَ
بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَنِ انْفِرُوا يَا آلَ غُدَرَ لِمُصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ!
قَالَتْ: فَأَرَى النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ،
فَمَثَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْكَعْبَةِ، ثُمَّ صَرَخَ مِثْلَهَا، ثُمَّ مَثَلَ
بَعِيرَهُ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ فَصَرَخَ مِثْلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةً
عَظِيمَةً وَأَرْسَلَهَا، فَلَمَّا كَانَتْ بِأَسْفَلِ الْوَادِي ارْفَضَّتْ،
فَمَا بَقِيَ بَيْتٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ فِلْقَةٌ مِنْهَا فَخَرَجَ
الْعَبَّاسُ فَلَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ
صَدِيقَهُ، فَذَكَرَهَا لَهُ وَاسْتَكْتَمَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ
لِأَبِيهِ عُتْبَةَ، فَفَشَا الْخَبَرُ، فَلَقِيَ أَبُو جَهْلٍ الْعَبَّاسَ
فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، أَقْبِلْ إِلَيْنَا. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغْتُ
مِنْ طَوَافِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَتَى حَدَّثَتْ فِيكُمْ هَذِهِ
النَّبِيَّةُ؟ وَذَكَرَ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، ثُمَّ قَالَ: مَا رَضِيتُمْ أَنْ
تَتَنَبَّأَ رِجَالُكُمْ حَتَّى تَتَنَبَّأَ نِسَاؤُكُمْ! فَسَنَتَرَبَّصُ بِكُمْ
هَذِهِ الثَّلَاثَ فَإِنْ يَكُنْ حَقًّا، وَإِلَّا كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ أَنَّكُمْ
أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ.
0 komentar:
Posting Komentar